الأربعاء، 30 يوليو 2014

قصة أدابا



تروي قصة أدَبا الإنسان العاقل الحكيم الذي كان يُقيم في مدينة إريدو مدينة إنكي إله الحكمة إله المياه الذي علَّم الإنسان علوم الحياة  لكن بخطأٍ من إنكي ومن طاعةٍ عمياء من أدَبا فقد الإنسان الحياة الخالدة التي أراد أن يمنحها له آن إله السماء



... الحكمة قد أعطاه
،فصار أمره كأمر إنكي
 أتم له سِعةَ الفهم ليكشف نُظُم البلاد
. لقد منحه الحكمة لكنه لم يمنحه الخلود
في تلك الأيام، في تلك السنين
خلقه إنكي حكيم اِريدو نموذجاً للبشر
...أوامر الحكيم لا أحد يمكن أن يعيبها
فهو المقتدر والأحكم بين الأنوناكي
والكاهن الذي لا عيب فيه صاحب اليدين النظيفتين
الذي يمسح بالزيت ويحافظ على الطقوس
مع الخبَّازين يخبز
مع خبَّازي إريدو يُحَضِرُ الخبز
.ويُمَونُ إريدو كل يومٍ بالخبز والماء
.بيديه النظيفتين يُرَتِبُ مائدة القرابين
.وبدونه لا تُحَضَرُ المائدة
يطوف بمركبه ليصطاد حاجة إريدو

،وفي تلك الأيام، أدبا رجل إريدو
الذي يحضر إلى معبد إنكي كل يومٍ
أَقلع في قاربه من قُرب رصيف الهلال، الرصيف المقدس
وإذا بِريحٍ تنفخ هناك وتقذف قاربه
وبالمجداف أخذ يسير قاربه
على مياه البحر الواسع

نَفَخَ ريح الجنوب فدفعه في قلب الماء
.جعله يهبط إلى حيث موطن الأسماك
ـ يا ريح الجنوبِ، أَعَلَيَّ تنفث سمومك ؟
بل سأكسرُ جناحك

وما إن خرجت الكلمة من فيه
حتى اِنكسر جناح الريح
.ولسبعة أيامٍ لم تنفخ ريح الجنوب على البلاد

: نادى آن على وزيره البرات
لماذا لم تنفخ ريح الجنوب على البلاد هذه الأيام السبعة ؟
،أجابه وزيره البرات : مولاي
إن أدبا بن إنكي كسر جناحه
،صرخ أن ونهضَ عن عرشه
ـ رحمة فليحضروه إلى هنا

ولكن إنكي الذي يعرف ما يختص بالسماء
جعل أدبا يلبس ثوب الحداد ويحسر شعره
ـ أدبا، إنك ذاهبٌ لحضرة آن، الملك
وستأخذ طريق السماء
عندما تقترب من بوابة آن
دموزي  وننكشزيدا سيكونان هناك سيسألانك
ـ إيها الإنسان، علامَ تظهر هكذا
لم أنت لابسٌ ثوب الحداد ؟
ـ لقد اِختفى من بلادنا إلهانِ، فعملت هكذا
ـ مَنْ الإلهان الذان اِختفيا من البلاد ؟
ـ دموزي و ننكشزيدا
سيرمق الواحد الآخر بنظرةٍ ويبتسم
سيقولان عنك ما هو حسنٌ في حضرة آنو
وسيريانك وجهيهما الكريم
وبينما تقف في حضرة آنو
عندما يُقَدمون لك خبز الموت
.سوف لا تأكله
عندما يقدمون لك ماء الموت
.سوف لا تشربه
عندما يقدمون لك كسوةً تلبسه
،وعندما يعطونك زيتاً، تدهن به جسدك
نصحي الذي أُسديك إياه لا تهمل
وكلامي الذي قلت، عليه تحافظ

وصل رسول آن وقال
ـ يا أدبا، لقد اِنكسر جناح ريح الجنوب
أحضره أمامي

جعله يتخذ طريق السماء وإلى السماء صعد
ولما اِرتفع، اِقترب من بوابة آن
.وأمامها كان يقف الإلهان دموزي وننكشزيدا
لما رأيا أدبا صرخا
ـ رحمةً، أيها الرجل لماذا تبدو هكذا ؟
ـ أدبا، من أجل من تلبس ثوب الحداد ؟
ـ لقد اِختفى إلهان من البلاد فلبسته
ـ من يكون الإلهان الذان اِختفيا ؟
ـ دموزي وننكشزيدا
فنظر كلُ واحدٍ منشرحاً واِبتسم

: اِقترب أدبا من آن الملك فناداه
ـ تعال يا أدبا، لِمَ كسرت جناح ريح الجنوب ؟
ـ مولاي، في وسط البحر كنت أصطاد لسيدي
كان البحر كالمرآة
لكن ريح الجنوب نفخ عليَّ وكاد يُغرقني
كدت أغوص إلى حيث موطن الأسماك
وفي غضب قلبي لعنته
فتكلم عنه دموزي  وننكشزيدا حسناً
: فهدأ قلب آن وتساءل
ـ لماذا كشفَ إنكي لبَشَرِيٍّ فانٍ
خطط السماء والأرض ؟
،لقد أبرزه وجعله ذا اِسمٍ
وأما نحن فماذا نعمل به ؟
.حضروا له خبز الحياة وسيأكله

ولما أحضروا له خبز الحياة لم يأكله
ولما قدموا له ماء الحياة لم يشربه
ولما أُحضرت له كسوةً لبسها
.ولما أحضروا له زيتاً، دهن به جسده

: سخر آن وضحك عالياً على نصيحة إنكي
ـ من كل آلهة السماء والأرض، مهما كان عددهم
،من يُعطي أمراً كهذا
،ليكون أمره فوق أمر آن
وأنت يا أدبا، لماذا لم تأكل ولم تشرب ؟
.سوف لن تفوز بالحياة الأبدية
آه، أيها الجنسُ البشري الفاسد
ـ إنكي سيدي أمرني أن لا آكل ولا أشرب

وأما أدبا فقد نظر من أُفق السماء إلى قبتها
فرأى ذلك المنظر المهيب
وحكم آن باِطلاق أدبا من أجل مدينة إنكي
ـ خذوه كم هنا وألقوا به إلى الأرض
وقدر لكهنوته العز على مر الأجيال
وأما أدبا اِبن البشر
الذي كسر جناح الريح وصعد إلى السماء
أيُّ وَيْلٍٍ جَلَبَهُ للبشرية ؟
وأيُّ أمراضٍ أحضرَ لأجساد الناس ؟
نينكراك ـ إلهة الشفاء ـ ستخخف منها
. تنزع المرض وتهون الآلام



ناصر العراقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

sumer