تمثل ملحمة كلكامش عملا
إبداعيا أدبيا كبيرا لم يقتصر دوره على ترجمة الاصول السومرية وحسب بل اعاد
صياغتها بمهارة بالغة وتكمن قيمتها الباقية أنها تخوض غمار بعض المشكلات الأساسية
عن القدر الأنساني ولا سيما حتمية الشيخوخة والموت.
تبدأ ملحمة كلكامش في
صياغتها الأخيرة بتمهيد يتكلم فيه الراوي :فهو يريد أن ينشر على الملأ ويروي قصة
ذلك ((الذي رأى كل شيء فغني بذكره يا بلادي وهو الذي خبر جميع الاشياء وأفاد من
عبرها وهو الحكيم العارف بكل شيء لقد أبصر الأشياءوعرف الخفايا المكتومة وجاء
بأنباء ما قبل الطوفان لقد أوغل في الاسفار البعيدة حتى حل به أضنى و التعب فنقش في نصب من حجر كل ما عاناه وما خبره)) يشير الى أمجاد
أوروك العظيمة ومعبد إينا الذي لا يضاهى فيها وأسوارها العظيمة من الآجر المفخور
ويقول أن في داخل المدينة صندوق ألواح نحاسية وفي داخل الصندوق يوجد لوح من حجر
اللازورد وقصة كلكامش مسطورة على ذلك اللوح.تقول
الملحمة أن كلكامش أو جلجامش هو أبن الملك
لوجال بندا وأمه الألهة ننسون ((كلكامش تعني "الرجل الذي سينبت شجرة جديدة"
ويمكن تفهم سبب ورود الشجرة في هذا
التفسير لان العلامة كيش التي ترد في اسم كلكامش في الملحمة Gish
Ila )اله القصب) هي كلمة
او علامة تسبق الخشب والحشيش والشجر والقصب وما شاكلها)) كلمة كلكامش مكونة من المقطعين السومريين:
-1كال Gal الذي يعني السماء كما في كالدو
( اولاد السماء او شعب السماء)، وايكال (البيت العالي) وننكال (سيدة السماء) وسينكال
(ملك السماء القمر(
-2كاميش الذي يعني كميشا بالسورث (جاموس بالعربية) ويبدو
ان كميشا من الرواسب السومرية في السورث وفي الارامية يسمى الجاموس ما ترجمته
حيوان القصب (حيوةا دقٍنيِا)
لكن
المؤكد أن كلكامش يعني اسم ورق الشجر اما
ورق القصب او ورق النخيل
التي كان ثلثاه إلهيا بفضلها نلاحظ هنا أنه ثلث
بشري وثلثين أله كلكامش كائن بشري ربما يقصد هنا أن الروح والعقل هنا ألهيين اي
الارتباط العميق بالله وبذا هو العارف للأسرار لذى نجد في كل ألواح الملحمة
عبارة ((هو الذي رأى كل شيء)) هذا يدل على أنه عرف الأسرار بقدرة الله والله هو من
وهب له القدرة والعلم والقوة
من الوهلة الاولى عندما
تقرأ الملحمة تتفاجأة بأحداث أسطورية ومهولة ومبالغة ولكن شخصية كلكامش هي شخصية
حقيقية وواقعية والشخوص والالهة كانت رموز للكاتب لأجراء حوار أدبي وفلسفي لأثبات
نظرية في المعرفة والأخلاق عميقة جد.
أنت ربما لن تصدق هذا
لنبدأ لماذا قام كلكامش بالرحلات في الملحمة
تقول الملحمة على لسان
كلكامش((من ذا الذي يملأ اسمه رعباً في البلدان عزمت على أن أغلبة في الغابة))))
فكان هناك الرد (( كيف ستدخل الغابة وحارسها مقاتل قوي وهو لا ينام))وجاء
الرد من كلكامش لأنكيدو ((من ذا الذي يستطيع أن يرقى إلى السماء)) هل صرت تخشى
الموت ونحن ما زلنا هنا فماذا دهى شجاعتك سأسقدم قبلك وإذ ما هلكت فسأخلد لي أسماً
وسيقول عني لقد هلك كلكامش مع خمبابا الوحش... التوقف هنا لأن كلكامش ذكر
الخلود وهذل يناقض كل ما ذكره المؤرخين
والاثاريين حول الخلود الذي بحث عنه كلكامش في كل القصة لأن الحوار السابق لا يعطي
اي مؤشر لأهمية الخلود لدي كلكامش لان يقول اني سأحارب وأن مت سيكتب أسمي مع
الخالدين ... نتابع
أصدر كلكامش الأوامر لصانعي السلاح بصنع الاسلحة فصنعوا سيوف من الذهب
وخناجر من الفضة لكن تم مضاعفة الاوزان الى 18 ضعف
اذ تذكر الملحمة ((كانت أوزان الاغمدة نصف وزنة وصبوا فؤوس تزن ثلاث وزنات
وسيوف تزن وزنتان وقبضتها نصف وزنة))
تسلح كلكامش وأنكيدو بأسلحة زنتها عشر وزنات واذا علمنا أن الوزنة تساوي ستين
مناً سومري والمن السومري يساوي نصف كيلو غرام(الدكتور طه باقر)
وأذا أجرينا عملية حسابية دقيقة نجد أن كلكامش يحمل 180 كغم من الاسلحة
وهذا الوزن لايمكن لأي محارب أن يتحرك به أثناء القتال .
الانطلاق :
ذكر شيوخ أوروك كلكامش بخمبابا وهيئته المخيفة وأسلحته القوية وغابتة التي
تبعد 10000 ساعة مضاعفة في كل الجهات فأنطلق كلكامش غير أبه بما سمع وقطع مسافة
شهر ونصف في ثلات أيام.
اذا حسبنا الساعة السومرية المضاعفة نجد أنها تساوي 10.8 كم أي انك لكامش
وأنكيدو قطعى مسافة128000 كم وهذه المسافة لا تساوي حتى محيط الارض ولأن العلماء
والاثاريون قالو أن الغابة في لبنان والمسافة بين أوروك ولبنان لا تتجاوز 3000كم
اذن أين كانت رحلة كلكامش وأنكيدو اذا كانت قياسات الراوي حقيقية .
وكذلك نلاحظ سرعة التحرك في الرحلة أي قطع مسافة شهر ونصف في ثلاث أيام
وهذا يعطي أستنتاج أن كلكامش سار 128000كم في ثلاث أيام ونحن نعرف أن سرعة الحصان
60 كم في الساعة اذا فكرنا قليلا بهذه
السرعة مع تذكر الأسلحة التي تمثل عائق في الحركة والسرعة .... أذن أين كانت رحلة كلكامش الحقيقية وكيف
كانت .....
أعتبر الاثاريون أن هذه مغالطات من الكاتب أو رموز مبهة واكثر ما اغفل عنه
الاثاريون هو الوصف الدقيق للرحلة من التحضير والانطلاق
وهذا ما نحن في صدد توضيحة
في المقالة التالية
ناصر العراقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق